نموذج القوائم المالية الثلاث.. ماهيته وكيفية بنائه

Select Language

نموذج القوائم المالية الثلاث.. ماهيته وكيفية بنائه

مجلة رواد الأعمال منذ 8 أشهر

لا مراء في أن نموذج القوائم المالية الثلاث يشكل العمود الفقري للهيكل المالي لأي مؤسسة؛ سواء كانت شركة صغيرة أو متعددة الجنسيات. هذا النموذج، الذي يتكون من قائمة الدخل والميزانية العمومية وقائمة التدفقات النقدية، يقدم صورة واضحة وشاملة عن صحة الشركة المالية وأدائها. وباستخدام هذه القوائم، يمكن للمستثمرين والمديرين والمحللين الماليين تقييم قدرة الشركة على تحقيق الأرباح، ومدى كفاءتها في إدارة أصولها، وقدرتها على توليد التدفقات النقدية.

ورغم بساطة نموذج القوائم المالية الثلاث الظاهرية؛ إلا أنه يحمل في طياته تعقيدات تتطلب فهمًا عميقًا للمبادئ المحاسبية؛ فقائمة الدخل، على سبيل المثال، تعرض صورة عن الأرباح والخسائر التي حققتها الشركة خلال فترة زمنية محددة، وتساعد في تقييم كفاءة الشركة في تحقيق الأرباح من عملياتها الأساسية. أما الميزانية العمومية، فتقدم صورة لحالة الشركة المالية في لحظة زمنية معينة؛ حيث تعرض أصولها والتزاماتها وحقوق ملكية المساهمين.

وتكمن أهمية قائمة التدفقات النقدية في أنها تكشف عن كيفية تغير رصيد النقد لدى الشركة خلال فترة زمنية معينة، وتساعد في تقييم قدرة الشركة على توليد النقد وتدفعه.

نموذج القوائم المالية الثلاث

وفي خضمّ ذلك، أثبتت الدراسات والأبحاث التي أجريت في جامعة لندن للاقتصاد وجامعة باريس دوفين، أهمية نموذج القوائم المالية الثلاث في اتخاذ القرارات الاستثمارية والتخطيط المالي. ومن خلال تحليل هذه القوائم، يمكن للمستثمرين تقييم المخاطر المرتبطة بالاستثمار في شركة معينة، وتحديد الشركات التي تتمتع بأداء مالي قوي. كما بإمكان المديرين استخدام هذه القوائم لتقييم أداء الشركة وتحديد نقاط القوة والضعف فيها، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الأداء المالي للشركة.

وبناءً على ما سبق، يمكن القول إن نموذج القوائم المالية الثلاث يشكل أداة أساسية لفهم الوضع المالي للشركات وتقييمه؛ فباستخدام هذا النموذج، يمكن للمستثمرين والمديرين والمحللين الماليين اتخاذ قرارات أكثر استنارة بشأن الاستثمارات والتمويل وإدارة المخاطر. ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن نموذج القوائم المالية الثلاث ليس سوى أداة واحدة من بين العديد من الأدوات التي تستخدم في تحليل الشركات، وأن فهم هذا النموذج يتطلب معرفة جيدة بالمبادئ المحاسبية والمالية.

ما هو نموذج القوائم المالية الثلاث؟

يربط نموذج البيانات الثلاثة، أي بيان الدخل والميزانية العمومية وبيان التدفق النقدي، بين أركان المنظمة المالية في هيكل واحد متكامل ومترابط ديناميكيًا. ويشكل هذا الثلاثي النواة الصلبة التي تقوم عليها كافة النماذج المالية الأكثر تعقيدًا وتطورًا، بدءًا من نماذج التدفق النقدي المخصوم المستخدمة على نطاق واسع في تقييم الشركات، وصولًا إلى نماذج الاندماج والاستحواذ التي تعتمد عليها المؤسسات الكبرى في اتخاذ قراراتها الاستراتيجية.

وتعد نماذج البيانات الثلاثة بمثابة لغة مشتركة بين المحللين الماليين والمستثمرين؛ إذ تسمح لهم بفهم أداء الشركة بشكل شامل وشامل. ومن خلال تحليل هذه البيانات، يمكن للمحللين تحديد نقاط القوة والضعف في الشركة، وتقييم قدرتها على توليد الأرباح وتدفقات نقدية مستدامة. وبالتالي اتخاذ قرارات استثمارية أكثر استنارة.

وفي سياق ذلك، أكدت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد، ونشرت في مجلة “ريفيو أوف أكاونتنج ستديز”، أهمية نماذج البيانات الثلاثة في تحسين جودة التنبؤات المالية.

علاوة على ذلك، أظهرت الدراسة أن الشركات التي تستخدم نماذج بيانات متكاملة تتمتع بدقة أعلى في توقعاتها المالية. مقارنة بالشركات التي تعتمد على بيانات منفصلة.

كما أشارت دراسة أخرى أجرتها مدرسة لندن للأعمال إلى أن الاستثمار في تطوير نماذج البيانات الثلاثة يمكن أن يساهم في تقليل المخاطر المالية للشركات.

نموذج القوائم المالية الثلاث

طُرق بناء نموذج بثلاث بيانات

ثمة سعي متزايد لدى المؤسسات والشركات لبناء نماذج مالية متقدمة قادرة على التنبؤ بالأداء المالي المستقبلي. ومن أبرز هذه النماذج ما يُعرف بـ “النموذج ثلاثي البيانات”.

هذا النموذج، الذي يعتمد على تحليل البيانات التاريخية والافتراضات المستقبلية، يهدف إلى تقديم صورة واضحة عن الوضع المالي للشركة وتوقع التغيرات المحتملة. فكيف يمكن بناء هذا النموذج؟

1. الأساس المتين

تبدأ رحلة بناء النموذج بإعداد الأساس المتين من خلال إدخال البيانات المالية التاريخية للشركة في جدول بيانات إكسيل. هذه البيانات تشمل: “إيرادات الشركة، وتكاليفها، وأرباحها، وأصولها، والتزاماتها على مدار عدة سنوات”.

وتعد هذه البيانات بمثابة الخريطة التي توجهنا في رحلتنا نحو المستقبل. فهي تمكننا من فهم الاتجاهات السابقة للشركة وتحديد العوامل التي أثرت على أدائها.

2. الافتراضات

  • بعد إعداد قاعدة البيانات، يأتي دور تحديد الافتراضات التي ستقود عملية التنبؤ. هذه الافتراضات بمثابة البوصلة التي توجهنا في رحلتنا نحو المستقبل؛ فهي تحدد السيناريوهات المختلفة التي قد تواجه الشركة وتساعدنا على تقييم تأثير كل سيناريو على أدائها المالي. ومن الأمثلة على هذه الافتراضات:
  • نمو المبيعات المتوقع.
  • تغير أسعار المواد الخام.
  • التغيرات في أسعار الفائدة.

3. التنبؤ ببيان الدخل

بعد تحديد الافتراضات، يمكننا البدء في عملية التنبؤ ببيان الدخل. بيان الدخل هو عبارة عن ملخص للأداء المالي للشركة خلال فترة زمنية معينة، وهو يوضح الإيرادات والتكاليف والأرباح والخسائر.

ومن خلال تحليل البيانات التاريخية وتطبيق الافتراضات، يمكننا التنبؤ بالإيرادات والتكاليف المتوقعة في المستقبل، وبالتالي التنبؤ بالأرباح.

4. الأصول الرأسمالية طويلة الأجل

لا يقتصر بناء النموذج على التنبؤ ببيان الدخل فقط، بل يشمل أيضًا التنبؤ بالأصول الرأسمالية طويلة الأجل. الأصول الرأسمالية طويلة الأجل هي الأصول التي تمتلكها الشركة وتستخدمها في عملياتها لفترة طويلة، مثل: “المباني والمعدات”.

ومن خلال التنبؤ بالأصول الرأسمالية طويلة الأجل، يمكن للشركة التخطيط للاستثمارات المستقبلية وتحديد الاحتياجات التمويلية اللازمة.

5. التنبؤ بالنشاط التمويلي

لا تكتمل الصورة إلا بتوقع كيفية تمويل الشركة لعملياتها المستقبلية. فالشركة تحتاج إلى أموال لتمويل نموها وتوسعها. وهذه الأموال تأتي من مصادر مختلفة؛ مثل: الديون والأسهم.

ومن خلال تحليل البيانات التاريخية والافتراضات المستقبلية، يمكننا التنبؤ باحتياجات الشركة من التمويل. كما يمكن تحديد أفضل المصادر لتمويل هذا النمو.

6. استكمال بيان الدخل

يمثل بيان الدخل عنصرًا أساسيًا في النموذج المالي، فهو يروي قصة الأرباح والخسائر التي حققتها الشركة خلال فترة زمنية معينة. ولكن هذا البيان يحتاج إلى مزيد من التفصيل لكي يعكس الصورة الكاملة.

ومن خلال تحليل بنود بيان الدخل المختلفة، يمكننا تحديد العوامل التي تؤثر على الأرباح وتحديد الفرص لتحسين الأداء المالي.

7. استكمال الميزانية العمومية

تشكل الميزانية العمومية صورة ثابتة تظهر الأصول والالتزامات وحقوق الملكية للشركة في لحظة زمنية معينة. ولكن هذه الصورة تحتاج إلى التحديث باستمرار لتعكس التغيرات التي تحدث في الشركة.

ومن خلال استكمال الميزانية العمومية، يمكننا تقييم القوة المالية للشركة وقدرتها على تحمل المخاطر.

8. استكمال بيان التدفقات النقدية

بيان التدفقات النقدية هو عبارة عن تقرير يوضح كيفية تدفق النقد داخل الشركة وخارجها خلال فترة زمنية معينة. هذا البيان مهم جدًا لأنه يساعد في تفسير التغيرات التي تحدث في الميزانية العمومية وبيان الدخل.

ومن خلال تحليل بيان التدفقات النقدية، يمكننا فهم الأسباب وراء زيادة أو نقصان النقدية في الشركة.

في النهاية، يشكل نموذج القوائم المالية الثلاث بوصلة مالية لا غنى عنها لأي مؤسسة تسعى لتحقيق الاستدامة والنمو. هذا النموذج، الذي يجمع بين بيان الدخل والميزانية العمومية وبيان التدفقات النقدية، يوفر رؤية شاملة وواضحة عن صحة الشركة المالية وأدائها.

ومن خلال تحليل هذه القوائم، يمكن للمستثمرين والمديرين والمحللين الماليين تقييم قدرة الشركة على تحقيق الأرباح. كما يمكنهم قياس مدى كفاءتها في إدارة أصولها، وقدرتها على توليد التدفقات النقدية.

The post نموذج القوائم المالية الثلاث.. ماهيته وكيفية بنائه appeared first on مجلة رواد الأعمال.

أخر الأخبار

عرض الكل