Arraf

Select Language

موجات الاحترار تكلف شركات تأمينات الحياة مزيدا من أعباء التعويضات (تحقيق مدعم بالبيانات)

جريدة المال منذ شهرين

تبيّن تقديرات منظمة الصحة العالمية أن تغير المناخ قد يتسبب في وفاة نحو 250 ألف شخص إضافي سنويا بين عامي 2030 و2050، بسبب سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري، في حين أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الأسواق النامية تعد الأقل جاهزية لإدارة تلك التحديات. “المال” تواصلت مع عدد من خبراء التأمين، وأكدوا أن تغير المناخ المؤدي لارتفاع درجات الحرارة يشكل تهديدا لشركات التأمين على الحياة ، حيث يؤدي إلى زيادة مخاطر الوفاة المبكرة والأمراض، ما يؤثر على ربحيتها، مع الصعوبة التي تواجهها شركات التأمين على الحياة في إعادة تأمين المخاطر المرتبطة بتغير المناخ. وأشارو إلى أن تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في أنماط الوفيات والأمراض، ما قد يؤثر على قدرة شركات التأمين على التنبؤ بالمخاطر بدقة، إذ إن بعض المناطق قد تكون أكثر عرضة للأمراض المعدية أو الكوارث الطبيعية، ما قد يؤدي إلى زيادة مخاطر الوفاة فيها، إضافة إلى فقدان العملاء الحاليين وصعوبة جذب جمهور جديد بسبب نقص الابتكار في توفير منتجات تتناسب مع التغيرات المناخية المتتالية. وذكروا أن تغير المناخ هي إحدى القضايا الأكثر سلبية على صحة الإنسان في وقت يشهد فيه العالم تغييرات هائلة في الظروف البيئية، حيث ارتفاع درجات الحرارة وزيادة تلوث الهواء، ما يزيد من خطر انتشار الأمراض والأوبئة والمضاعفات الصحية والإصابات ويؤثر على جودة الحياة ومتوسط العمر المتوقع، وذلك يثقل كاهل أنظمة الرعاية الصحية ويؤدي إلى ارتفاع تكاليف العلاج. وتوقعوا ارتفاع معدلات الأمراض غير المعدية، خاصة أمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض التنفسية والسرطان إضافة إلى انتشار الأمراض المعدية المدارية وظهور أنواع جديدة منها، ومن المحتمل أن تتأثر الفئات الضعيفة بشكل أكبر، مثل كبار السن والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، ما يؤدي إلى زيادة معدلات الوفيات. وأوضحت غادة الحريرى، مدير وكالات البيع المباشر بشركة ثروة لتأمينات الحياة، أن الأحداث المناخية المتطرفة، مثل موجات الحر الحالية، قد تدفع إلى زيادة تكاليف مطالبات الحياة، ما يؤدى إلى انخفاض ربحية الشركات، وقد يُجبرها على رفع الأقساط أو حتى الحد من تغطياتها. وأضافت أن تأمين الحياة فى مواجهة موجات الحر، يمكن أن يوفر الحماية للأفراد فى حالات انخفاض الدخل أو الخسارة، وفى ظروف الوفاة أو المرض، كما يمكن أن يساعد فى بناء المدخرات المالية التى يحتاجها الأشخاص. وذكرت أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الأحداث المناخية المتطرفة زادت بنسبة 23% لتصل إلى 264 مليار دولار في 2022 وحده، بينما أدى التعرض للحرارة إلى خسائر في الدخل العالمي قدرها 863 مليار دولار، بينما لا يتم توزيع هذه الآثار بشكل متساو، إذ تتحمل الفئات السكانية الضعيفة، مثل الأطفال والمسنين والمجتمعات في البلدان النامية وطأة تلك الآثار، ومن المتوقع أن يتسبب تغير المناخ بين عامي 2030 و2050 في وفاة 250 ألف شخص سنويا. وأضافت داليا مصطفى، مدير حسابات التأمين الجماعى بشركة مصر لتأمينات الحياة، أن ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يسبب العديد من المخاطر الصحية، بما فى ذلك الوفاة، بينما شهدت مصر مؤخرا هجمة مناخية تسببت فى الكثير من الأضرار. وأوضحت أن تعويضات تأمين الحياة تزداد فى حالة الوفاة الناتجة عن موجات الحر، ومع ذلك، فإن معظم الطبقات العاملة أو المتوسطة الدنيا ليس لديها ذلك النوع من التغطيات، التى يمكن أن توفر للعملاء الحل الأمثل فى مواجهة مخاوف الحرارة، لا سيما فى ظل وجود أطفال يجب استكمال تعليمهم بعد وفاة المُعيل. وكشفت أن سياسات الاستثمار فى شركات تأمينات الحياة تحمى الأطفال من مخاطر التدهور الاقتصادي فى المستقبل وتطمئن الآباء على ضمان مؤسسات دراسية جيدة لأبنائهم، بينما يوفر ذلك النوع تاريخ استحقاق معروف يمكن تنسيقه مع فترة تعليم أفراد الأسرة. وبيّن محمد الغطريفى، وسيط التأمين، أن موجات الحر المرتبطة بتغير المناخ تسببت في 226 ألف حالة وفاة عالميا بين عامي 2000 و2019 بسبب ضربات الشمس وإجهاد الحرارة وانتشار أمراض الجهاز التنفسي والمشاكل التنفسية، بينما قدرت منظمة الصحة العالمية أن 7 ملايين حالة وفاة مبكرة على مستوى العالم في عام 2019 كانت بسبب تلوث الهواء المحيط بسبب زيادة مشاكل الجهاز التنفسي، مثل الربو والانسداد الرئوي المزمن. وذكرت أن تغير المناخ يؤثر كذلك على المحاصيل الزراعية والأمن الغذائي، ما قد يؤدي إلى سوء التغذية ويضعف جهاز المناعة للأفراد ويجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض. وذكر أن ارتفاع درجات الحرارة يرتبط بزيادة معدلات الانتحار بمعدل يزيد بنسبة 1.7% لكل زيادة بمقدار 1 درجة مئوية في متوسط درجة الحرارة اليومية، وزيادة بنسبة 9.7% في دخول المستشفى بسبب الأمراض العقلية خلال موجات الحر. وكان علاء الزهيرى، رئيس الاتحاد المصرى للتأمين، قد صرح قبلا لـ”المال” أن لجنة “متناهى الصغر” بالاتحاد تدرس إصدار وثيقة لتغطيات العمالة غير المنتظمة، لحماية تلك الفئات من العملاء مما قد يصيبهم أثناء أداء أشغالهم فى ظل ظروف الطقس المتطرفة التى تحياها البلاد. وأضاف أن وثيقة “العمالة غير المنتظمة” ما زالت فى طور الدراسة، ويجرى الآن مناقشتها مع اللجان الفنية ذات الصلة، لاستيفاء كافة الملاحظات الفنية حولها، تمهيدا لعرضها على شركات القطاع فالمجالس التنفيذية ثم موافاة هيئة الرقابة المالية بها لإبداء الرأى. وتابع أن تقييم مخاطر تغير المناخ “بدقة” ليس سهلا، بسبب نقص البيانات والنماذج العلمية المتقدمة لفهم تأثيرات ظواهر الطقس على الصحة والوفيات، بينما يؤدى ذلك إلى اتخاذ قرارات تسعير خاطئة للوثائق، ما قد يُلحق خسائر مالية بالشركات. وكشف معهد سويس ري التابع لشركة سويس ري العالمية لإعادة التأمين أن أكثر من 50% من الاحتياجات المالية العالمية تظل غير محمية في حالة وفاة معيل الأسرة، بينما يقدر الفارق بين الخسائر الناجمة عن وفاة معيل الأسرة الرئيس والدخل الحالي للعائلة بنحو 409 مليار دولار، وتتضاعف تلك الفجوة المالية إلى 747 مليار دولار تقريبا عندما يتعلق الأمر بالنفقات الطبية. وأشار التقرير الأخير لـ”سويس رى” الذى حصلت “المال” على نسخة منه، إلى أن ارتفاع درجة حرارة الأرض يؤدي إلى خلق ظروف مناخية أكثر تطرفا، مثل العواصف والجفاف وموجات الحر والفيضانات، بينما لا تُلحق هذه الظروف الضرر بالممتلكات فحسب، بل إنها تسبب وفيات وإصابات وتؤثر على إمدادات الغذاء وجودة الهواء وانتشار الأمراض، وقد يؤدي هذا إلى زيادة احتمالات الإصابة والوفاة نتيجة للأحداث الجوية وتفاقم الحالات المرضية السابقة التي تتفاقم بسبب الحرارة، في حين يمكن أن تتأثر الصناعات لاحقا بتزايد عدد الأشخاص غير القادرين على العمل بسبب المرض والإصابة، فضلا عن الضغط المتزايد على الأنظمة الصحية على غرار جائحة كورونا (كوفيد-19). وأكد أن المخاطر والاحتياجات الجديدة توفر أرضا خصبة لابتكار المنتجات ونموها، بينما تقدر فجوة الحماية العالمية بـ1.8 تريليون دولار من حيث الأقساط، ويرجع ذلك جزئيا إلى ارتفاع الطبقة المتوسطة في الأسواق ذات النمو المرتفع مثل الصين وآسيا الناشئة. وأفادت “سويس رى”، بضرورة تنمية سوق المنتجات التى يحتاجها الوضع الحالي، عبر فهم احتياجات العملاء والبحث والاستماع إليهم، وخاصة المتأثرون بتغير المناخ الذين يعانون من الضغوط على دخلهم وسبل عيشهم، وتكوين شراكات إستراتيجية بين شركات إعادة التأمين والتأمين للشراكة مع أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص لجمع بيانات أكثر ثراء، ورسم خرائط أفضل ونمذجة الاتجاهات المتطورة للمناخ والوفيات والأمراض، لإيجاد حلول لمجموعات العملاء الجدد على نطاق واسع. وشدد التقرير على ضرورة الحفاظ على الحوار التنظيمي والمناقشات والعمل بشكل استباقي مع أصحاب المصلحة الحكوميين الراغبين في فهم التأثيرات والفرص المحتملة، إذ يحقق ذلك النهج التعاوني توازنا بين الابتكار وحماية المستهلك، مع استمرار ابتكار المنتجات وتصميم بوالص بسيطة بأسعار معقولة مع ضمان فعال وشامل وأكثر تكيفا مع المناخ.

أخر الأخبار

عرض الكل