Arraf

Select Language

هل تراجعت أعداد الحشرات في العالم؟

قناة CNBC العربية منذ أسبوعين

بينما يعد من الصعب التأكيد بشكل حاسم على مدى تراجع أعداد الحشرات خلال السنوات الأخيرة بطريقة علمية في ظل صعوبة حصرها، فإن دور الحشرات في عمليات تلقيح المحاصيل يعد أمراً مهماً يمثل جرس إنذار لأهمية متابعة ودراسة هذا العالم خاصة مع انتشار الشعور بتناقص أعدادها في ظل متغيرات جديدة مثل تغير المناخ والتلوث واستخدام المبيدات والأسمدة وغيرها.

انتشرت هذا الصيف وسوم رائجة على وسائل التواصل الاجتماعي متعلقة بالإشارة إلى تناقض أعداد الحشرات وملاحظة عدم تواجدها بنفس الكثافة، مثل #insectarmageddon و#insectapocalypse، كما حذرت مؤسسة Buglife، الخيرية للحفاظ على البيئة في المملكة المتحدة، من "حدوث خطأ جذري" للحشرات.

التقليح يعتمد على الحشرات

اتضح أن علماء البيئة وعلماء الحشرات في جميع أنحاء العالم كانوا يحذرون من انخفاض أعداد الحشرات لسنوات. في الوقت الذي يعتمد فيه وجود البشر على عالم الحشرات المزدهر. تُظهر الدراسات أنه حيثما توجد المزيد من أنواع الحشرات، يكون التلقيح أكثر موثوقية ومرونة، بحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

يشير أستاذ علم الأحياء بجامعة ساسكس، ديف جولسون، في كتابه "الأرض الصامتة: تجنب نهاية عالم الحشرات"، إلى إن حوالي ثلاثة أرباع جميع أنواع المحاصيل التي يزرعها البشر تتطلب التلقيح بواسطة الحيوانات، والغالبية العظمى من الحشرات. يكتب: "لا يمكننا إطعام سكان العالم من البشر بدون الملقحات".

لا يتعلق الأمر فقط بالنحل والفراشات، وهما من أبرز الحشرات الملقحة في العالم. فهناك أنواع أخرى من الحشرات الملقحة، مثل الذباب الطنان، والعث، والدبابير، وخنافس الجندي، تشهد تراجعاً أيضاً. ولا يقتصر العديد من هذه الأنواع على التلقيح، بل إنها تأكل أيضاً الحشرات الضارة التي تدمر المحاصيل.

اقرأ أيضاً: تغير المناخ.. علماء يدرسون التأثير على دلافين الأمازون النادرة التي يهددها بالجفاف

وأشار تقرير برلماني بريطاني في مارس/ آذار من هذا العام إلى أن القيمة الاقتصادية للملقحات على المستوى الدولي تقدر بأكثر من 134 مليار جنيه إسترليني في الأسواق الزراعية. وبالفعل، في بساتين التفاح والكمثرى في جنوب غرب الصين، أجبر انخفاض أعداد الحشرات الملقحة المزارعين على تلقيح أشجارهم يدوياً، وحمل أواني حبوب اللقاح لتلقيح كل زهرة على حدة. وهو ما يتطلب جهداً مكثفاً ويستغرق وقتاً طويلاً.

تعد البيانات عن الحشرات غير متجانسة وتختلف ليس فقط حسب المنطقة الجغرافية ووقت السنة ولكن أيضاً حسب النوع. وتفسيرها أمر صعب للغاية. ولا يوجد نظام مراقبة عالمي موحد للحشرات. وعددها الهائل يجعل من المستحيل ذلك؛ حيث تشكل الحشرات غالبية الأنواع على الكوكب. 

تم إطلاق أسماء على حوالي مليون من أنواع الحشرات لكن هناك ملايين أخرى لا يعرف البشر عنها شيئًا ولا يزال دورها في تحقيق التوازن في النظم البيئية لغزاً. يقول جولسون: "ربما فقدنا أنواعاً [من الحشرات] لم يتم تسميتها بعد".

ربما يكون علم الحشرات هو العلم الوحيد بين العلوم الذي يعتمد بشكل كبير على المتطوعين و"العلماء المواطنين" لجمع البيانات. أظهر آخر تقرير لمبادرة Bugs Matter، التي تديرها Kent Wildlife Trust بالشراكة مع Buglife والجمعية الملكية لحماية الطيور، أن وفرة الحشرات الطائرة التي تم أخذ عينات منها على لوحات أرقام السيارات انخفضت بنسبة 78% في المملكة المتحدة بين عامي 2004 و2023.

ويشير تقرير حالة الطبيعة لعام 2023 في المملكة المتحدة إلى أن "كل جيل جديد ينظر إلى العالم الذي نشأ فيه كمرجع، بدلاً من الاعتراف بأن التنوع البيولوجي قد استنفد بالفعل". لم يفكر أحد في تسجيل أعداد الحشرات عندما كانت وفيرة بشكل واضح. حتى اليوم، لا تزال العديد من أنواع الحشرات غير خاضعة للمراقبة على الإطلاق.

تقارير عن تراجع أعداد الحشرات

بعيداً عن الشعور المزعج بأن عدد الحشرات أقل، أين الدليل القاطع على أن الحشرات بشكل عام في انحدار؟ كلما صدر تقرير كبير، كانت هناك ردود فعل سلبية. في عام 2017، وجدت دراسة ألمانية أن حجم الحشرات - والتي يشار إليها سريرياً باسم "الكتلة الحيوية" - انخفض بأكثر من 75% على مدى 27 عاماً من عام 1989 إلى عام 2016.

لكن المنتقدين كانوا متشككين: يمكن تفسير الانخفاض بخسارة غير متناسبة لبضعة أنواع من الحشرات الثقيلة فقط.

اقرأ أيضاً: بولندا تسعى لمنع انتشار الطحالب السامة في نهر أودر بعد نفوق أطنان من الأسماك

في عام 2019، تمت معالجة تحيزات البيانات هذه في دراسة أخرى. تم مسح مئات الغابات والمراعي الألمانية على مدى 10 سنوات، من عام 2008 إلى عام 2017. وكان استنتاجها مثيراً للقلق بنفس القدر. انخفضت الكتلة الحيوية للمفصليات، وهو تصنيف يشمل الحشرات والعناكب وأي حيوان له غطاء هيكلي خارجي، بأكثر من الثلثين. وانخفض عدد الأنواع بمقدار الثلث.

تبع ذلك دراسة عالمية في عام 2020، خلصت إلى أن الحشرات الأرضية تتراجع بمعدل 9% لكل عقد، لكنها لاحظت زيادات في حشرات المياه العذبة.

يتفق العلماء على وجود مشكلة في عالم الحشرات. لكنهم لا يستطيعون الاتفاق على مقدار المشكلة بالضبط. إن عدم اليقين رسالة يصعب نقلها إلى الجمهور. قال سيمون بوتس، أستاذ التنوع البيولوجي في جامعة ريدينغ، في شهادته أمام أعضاء البرلمان بشأن التقرير البرلماني لشهر مارس/ آذار حول انحدار الحشرات في المملكة المتحدة، والذي نُشر هذا العام، إن هناك "توازياً كبيراً مع تغير المناخ". "أحد المخاطر هو إمكانية وضع سؤال في أذهان الجمهور: إذا لم يتمكن العلماء من الاتفاق على هذا تماماً، فمن نصدق؟".

أخر الأخبار

عرض الكل