Arraf

اتحاد شركات التأمين المصرية: التوترات الجيوسياسية تزيد هشاشة السوق العالمية

أكد اتحاد شركات التأمين المصرية في نشرته الصادرة اليوم الأحد، أن التطورات الجيوسياسية الحادة التي يشهدها العالم في العقد الحالي باتت تمثل مصدر تهديد مباشر ومتنامٍ لصناعة التأمين، سواء على المستوى المحلي أو العالمي. وأوضح الاتحاد أن هذه التوترات لم تعد مجرد أحداث عابرة، بل أصبحت عوامل مؤثرة بعمق في تحديد أسعار التغطيات، وشروط إعادة التأمين، ومعدلات الخطر في الأسواق المختلفة، مما يضع شركات التأمين أمام تحديات غير مسبوقة في التسعير، والقدرة على الاستمرار، وتحقيق التوازن الفني والمالي. وسلطت النشرة الضوء على أبرز بؤر التوتر التي أثّرت بشكل مباشر على قطاع التأمين في السنوات الأخيرة، وعلى رأسها النزاع الإيراني الإسرائيلي، الذي تسبب في ارتفاع حاد في أسعار التأمين على شحنات النفط والغاز، وأجبر العديد من شركات التأمين على مراجعة تغطياتها للمرافق والمصانع النفطية في المنطقة. كما أشار الاتحاد إلى أن النزاع المتصاعد في بحر الصين الجنوبي، ألقى بظلاله على حركة التجارة الدولية، ما تسبب في رفع تكلفة التأمين البحري في جنوب شرق آسيا، بسبب تهديد الملاحة وتعطل طرق الشحن الرئيسية. وفي القارة الأفريقية، أثرت الانقلابات المتكررة في دول الساحل وغرب أفريقيا على تدفقات الاستثمار الأجنبي، خاصة في قطاعات التعدين والطاقة، مما انعكس بشكل مباشر على التأمين التجاري والاستثماري، سواء في حجم الأعمال أو معدلات الخطر. أما العقوبات الغربية المفروضة على روسيا وإيران وفنزويلا فقد أدت إلى قيود معقدة على التعاون مع شركات إعادة التأمين الغربية، فضلاً عن عرقلة تسوية المطالبات الدولية نتيجة القيود المالية والمصرفية، ما يزيد من التكاليف التشغيلية والمخاطر القانونية لشركات التأمين العاملة في تلك الأسواق. وأوضح اتحاد التأمين أن التداخل المتزايد بين الجغرافيا السياسية والاقتصاد العالمي قد جعل من صناعة التأمين لاعبًا رئيسيًا في إدارة المخاطر الكلية، ولكن في الوقت ذاته أكثر تعرضًا للخسائر واسعة النطاق. وأشارت النشرة إن التحولات السياسية والعسكرية في أي منطقة استراتيجية لم تعد تؤثر فقط على أسعار النفط أو التجارة، بل أصبحت تُعيد تشكيل نماذج تقييم الأخطار في وثائق التأمين وإعادة التأمين، مما يدفع الشركات إلى تعديل شروطها وأسعارها، أو حتى الخروج من بعض الأسواق بالكامل. وتطرقت النشرة إلى مثال الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى شلل مؤقت في حركة الشحن بالبحر الأسود، ورفعت أسعار التأمين على السفن العابرة لتلك المنطقة بنسبة تتجاوز 60%، إضافة إلى التهديد الإيراني بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره ما يقرب من خمس شحنات النفط العالمية يوميًا، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا لسوق تأمين الطاقة والشحنات. كما أكدت النشرة أن شركات التأمين العالمية أصبحت أكثر تحفظًا تجاه تغطية المخاطر في المناطق المتوترة، بل إن بعضها توقف نهائيًا عن إصدار وثائق في تلك المناطق أو رفع الأقساط التأمينية بشكل كبير لتغطية الخسائر المحتملة، لا سيما مع ارتفاع تكاليف التعويض وتأخر تسويتها بسبب العقوبات وتعقيدات التحويلات البنكية. وحذّر الاتحاد من التداعيات العميقة للعقوبات الاقتصادية، التي لا تقتصر على الأطراف السياسية فحسب، بل تمتد آثارها إلى الشركات التجارية وشركات التأمين. وأوضحت النشرة أن شركات التأمين تُجبر عند فرض العقوبات على اتخاذ قرارات سريعة ومكلفة، إما بالانسحاب من السوق وإلغاء التغطيات، أو الاستمرار مع تحمل خطر الغرامات والتصعيد القانوني. وأضاف الاتحاد أن العقوبات المفروضة على روسيا وإيران وفنزويلا أثّرت بشكل ملحوظ على تأمين الشحنات والطاقة والمعاملات التجارية الدولية، كما عرقلت عمليات تسوية المطالبات بسبب القيود المصرفية، مما زاد من تعقيد الإدارة التشغيلية لشركات التأمين وأثّر على كفاءتها المالية. أحد أكثر التأثيرات وضوحًا، وفقًا للنشرة، هو ارتفاع أسعار إعادة التأمين في الأسواق العالمية، نتيجة تقييم جديد للمخاطر السياسية في مناطق النزاع. وأوضح الاتحاد أن شركات إعادة التأمين باتت تتبنى استراتيجيات أكثر تحفظًا، وتفرض شروطًا مشددة على الأسواق التي تشهد اضطرابات سياسية أو أمنية، وهو ما ينعكس بدوره على أسعار وثائق التأمين الأولية، ويضع عبئًا إضافيًا على الشركات المحلية. وأشار الاتحاد إلى أن هذا الارتفاع في أسعار إعادة التأمين يأتي مدفوعًا بعدة عوامل، من بينها: